اقسام الحديث كالاتي :
فأولهما : صحيح أخرجه البخاري ومسلم جميعا .
الثاني : صحيح انفرد به البخاري ، أي عن مسلم .
الثالث : صحيح انفرد به مسلم ، أي عن البخاري .
الرابع : صحيح على شرطهما لم يخرجاه .
الخامس : صحيح على شرط البخاري لم يخرجه .
السادس : صحيح على شرط مسلم لم يخرجه .
السابع : صحيح عند غيرهما ، وليس على شرط واحد منهما .
هذه أمهات أقسامه ، وأعلاها الأول ، وهو الذي يقول فيه أهل الحديث كثيرا : " صحيح متفق عليه " . يطلقون ذلك ويعنون به اتفاق البخاري ومسلم ، لا اتفاق الأمة عليه . لكن اتفاق الأمة عليه لازم من ذلك وحاصل معه ، لاتفاق الأمة على تلقي ما اتفقا عليه بالقبول .
وهذا القسم جميعه مقطوع بصحته والعلم اليقيني النظري واقع به . خلافا لقول من نفى ذلك ، محتجا بأنه لا يفيد في أصله إلا الظن ، وإنما تلقته الأمة بالقبول ؛ لأنه يجب عليهم العمل بالظن ، والظن قد يخطئ .
وقد كنت أميل إلى هذا وأحسبه قويا ، ثم بان لي أن المذهب الذي اخترناه أولا هو الصحيح ، لأن ظن من هو معصوم من الخطأ لا يخطئ . والأمة في إجماعها معصومة من الخطأ ، ولهذا كان الإجماع المنبني على الاجتهاد حجة مقطوعا بها ، وأكثر إجماعات العلماء كذلك .
وهذه نكتة نفيسة نافعة ، ومن فوائدها : القول بأن ما انفرد به البخاري أو مسلم مندرج في قبيل ما يقطع بصحته لتلقي الأمة كل واحد من كتابيهما بالقبول على الوجه الذي فصلناه من حالهما فيما سبق ، سوى أحرف يسيرة تكلم عليها بعض أهل النقد من الحفاظ ، كالدارقطني وغيره ، وهي معروفة عند أهل هذا الشأن ، والله أعلم .