لما استمر الأمر على هذا اختلط على الناس ما فعله أبو الأسود الدؤلي وما فعله هذان الإمامان نصر ابن عاصم ويحيى ابن يعمر لأن أبا الأسود نقط وهؤلاء نقطوا أيضا فاختلطت النقط علما بأن أبا الأسود كان يضع نقطا باللون الأحمر تمييزا لها عن أي شيء آخر وعن كتابة القرآن لكن شق ذلك على الناس بأن يكتبوا بلون آخر غير اللون الذي يكتبون به حروف المصحف.
عند ذلك جاء الخليل ابن أحمد الفراهيدي صاحب الابتكارات العلمية فغير نقط الإعراب إلى أن وضع هذه الطريقة الموجودة بين أيدينا في شكل الكلمات فوضع بدل النقطة الفوقية على الحرف وضع فتحة ألفا يعني مائلة وتحت الحرف مكان الكسرة خطا تحت الحرف ومكان الضمة واوا صغيرة فوق الحرف وزاد على ذلك بأن وضع على الحرف المسكن رأس خاء صغيرة كأنه يقول هذا حرف خفيف خاء فوضع رأس الخاء وزاد أيضا حركة للحرف المشدد بأن وضع أول حرف من كلمة شدة رأس الشين ووضع أيضا علامات للروم والإشمام رحمة الله عليه رحمة واسعة واستقر على هذا العلم في المسلمين إلى هذا اليوم.
فهذا الضبط الذي نراه في كتاب الله وفي غيره الذي وضعه الخليل ابن أحمد الفراهيدي وأما نقط الإعجام " هو النقط على الحروف" فاستمر على ما وضعه الإمامان يحيى ابن يعمر ونصر ابن عاصم الليثي.
تتابع العلماء -رحمهم الله تعالى- على إدخال تحسينات على المصحف وزيادات يكمل بها معرفة وقوفه ونهاية آياته وتعرف فيه أحزابه وأجزائه وأعشاره وأخماسه وأرباعه وأثمانه وغير ذلك تفننوا في هذا تفننا عظيما وجاءوا بأشياء كثيرة كل ذلك خدمة لمن يتلوا كتاب الله سبحانه وتعالى وتعريفا له بهذا القرآن بداية ونهاية ومقاطع وفواصل وغير ذلك هذه الآيات أيضا كان الصحابة لا يضعون علامة على انتهاء الآية ثم وضعوا ثلاث نقاط في نهاية كل آية ثم تدرج الأمر أن يضعوا دائرة ثم وصل الحال بعد ذلك إلى أن وضعوا في وسط الدائرة رقما يدل على رقم الآية في سورتها.
لكن هذه الأمور ليس مجالها هنا في هذا البحث.