تحريم لحم الخنزير في القرآن الكريم
جاء تحريم لحم الخنزير في أربع مواضع في القرآن العظيم :
1- قال تعالى : { إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } . [ البقرة : 173 ] .
2- قال تعالى : { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُواْ بِالأَزْلاَمِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } [ المائدة : 3 ] .
3- قال تعالى : { قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيم } [ الأنعام : 145 ] .
4- قال تعالى : { إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالْدَّمَ وَلَحْمَ الْخَنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيم } [ النحل : 115 ] .
ومما سبق نلاحظ أن لحم الخنزير ينفرد من بين جميع اللحوم المذكورة في آيات التحريم بأنه حرام لذاته، أي لعلة مستقرة فيه، أو وصف لاصق به، أما اللحوم الأخرى فهي محرمة لعلة عارضة عليها، فالشاة مثلاً إذا ذكيت فلحمها حلال طيب ولا تحرم إلا إذا كانت ميتة أو ذبحت لغير الله. ونحن نؤكد أن المؤمن ملتزم حين يأتيه الأمر أو النهي من الله، ويمكن أن نجتهد في تفهم علة الأمر والنهي، لكن تحريم لحم الخنزير بالذات تحريم معلل { فإنه رجس } فاجتهادنا محصور إذن في محاولة فهمنالخبث ذلك المحرم ورجاسته حتى نزداد شكراً لله على نعمائه.
تحريم لحم الخنزير في الأحاديث الشريفة
جاءت الأحاديث دالةً على تحريم بيع لحم الخنزير، ومن تلك الأحاديث ما جاء في صحيح مسلم عن جابر بن عبدالله أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عام الفتح وهو بمكة : " إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام " فقيل : يا رسول الله أرأيت شحوم الميتة فإنه يطلى بها السفن ويدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس ؟ فقال : " لا هو حرام " ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك : " قاتل الله اليهود إن الله عز وجل لما حرم عليهم شحومها أجملوه ثم باعوه فأكلوا ثمنه " (صحيح مسلم ( 3/1207 ) ، رقم : ( 1581 ) ) وهذا الحديث فيه التصريح بتحريم بيع الخنزير أو الاستفادة من أي جزء منه ، حتى لو كان ذلك بتحويله إلى شيء آخر.
ومما جاء في بيان شناعة هذا الحيوان ما رواه سليمان بن بريدة عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من لعب بالنردشير فكأنما صبغ يده في لحم خنزير ودمه " ( صحيح مسلم ( 4/1770 ) ، رقم : ( 2260 ) ) والحديث يشبه اللعب بالنردشير بغمس اليد في لحم الخنزير ودمه، ووجه الشبه هو القبح في كلا الأمرين، والمعروف عند أهل البلاغة أن وجه الشبه يكون أقوى في المشبه به، أي أن ملامسة اليد للحم الخنزير ودمه أشد قبحاً، وسنشير إلى الخطورة الكامنة في التعامل مع لحم الخنزير وباقي منتجاته في هذا البحث.
أقوال العلماء في لحم الخنزير
أجمع العلماء على تحريم لحم الخنزير، ولم يجعلوا التحريم مقصوراً على اللحم بل أفتوا بتحريم كل أجزائه، فالآيات القرآنية نصت على تحريم لحمه على جهة القطع، أما بقية أجزائه فلأنهم عدوا الخنزير من النجاسات والخبائث، وقد نص الله تعالى في كتابه الكريم على تحريم الخبائث، والخنزير من جملة الخبائث، وممن نقل الإجماع على تحريم كل أجزائه الإمام النووي فيقول : " وقد أجمع المسلمون على تحريم شحمه ودمه وسائر أجزائه " . وكذلك ابن رشد حيث يقول : " فأما الخنزير فاتفقوا على تحريم شحمه ولحمه وجلده " .
ولكن ماذا نعرف عن الخنزير؟
الخنزير حيوان لاحم عشبي تجتمع فيه الصفات السبعية والبهيمية، فهو آكل لكل شيء، وهو نهم كانس كنس الحقل والزريبة فيأكل القمامات والفضلات والنجاسات بشراهة ونهم، وهو مفترس يأكل الجرذ والفئران وغيرها كما يأكل الجيف حتى جيف أقرانه، والخنزير من الحيوانات السريعة النمو إذ تضع الخنزيرة ما بين عشرة إلى عشرين خنوصاً، وينمو الخنزير من أقل من كيلوجرامين عند الولادة إلى أكثر من مائة كيلوجرام خلال مائتي يوم. وسبب هذا النمو السريع زيادة كبيرة في هرمونات النمو Growth Hormone، والهرمونات المنمية للغدد التناسلية Gonadotrophin، وهذا الأمر له علاقة بارتباط لحم الخنزير وشحمه بأنواع السرطان التي تزداد لدى آكلي لحم الخنزير وشحمه، ويوجد الدهن متداخلاً مع خلايا لحم الخنزير بكميات كبيرة خلافاً لبقية أنواع اللحوم مثل البقر والغنم والماعز والدجاج والتي يوجد فيها الدهن بشكل نسيج دهني شبه مستقل.