الكتب المخرجة على كتاب البخاري أو كتاب مسلم رضي الله عنهما لم يلتزم مصنفوها فيها موافقتهما في ألفاظ الأحاديث بعينها من غير زيادة ونقصان ، لكونهم رووا تلك الأحاديث من غير جهة البخاري ومسلم ، طلبا لعلو الإسناد ، فحصل فيها بعض التفاوت في الألفاظ .
وهكذا ما أخرجه المؤلفون في تصانيفهم المستقلة كالسنن الكبير للبيهقي ، وشرح السنة لأبي محمد البغوي ، وغيرهما مما قالوا فيه : " أخرجه البخاري أو مسلم " ، فلا يستفاد بذلك أكثر من أن البخاري أو مسلما أخرج أصل ذلك الحديث مع احتمال أن يكون بينهما تفاوت في اللفظ ، وربما كان تفاوتا في بعض المعنى ، فقد وجدت في ذلك ما فيه بعض التفاوت من حيث المعنى .
وإذا كان الأمر في ذلك على هذا فليس لك أن تنقل حديثا منها وتقول : هو على هذا الوجه في كتاب البخاري أو كتاب مسلم ، إلا أن تقابل لفظه ، أو يكون الذي خرجه قد قال أخرجه البخاري بهذا اللفظ .
بخلاف الكتب المختصرة من الصحيحين ، فإن مصنفيها نقلوا فيها ألفاظ الصحيحين أو أحدهما .
غير أن " الجمع بين الصحيحين " للحميدي الأندلسي منها يشتمل على زيادة تتمات لبعض الأحاديث كما قدمنا ذكره ، فربما نقل من لا يميز بعض ما يجده فيه عن الصحيحين أو أحدهما وهو مخطئ ، لكونه من تلك الزيادات التي لا وجود لها في واحد من الصحيحين .
ثم إن التخاريج المذكورة على الكتابين يستفاد منها فائدتان : إحداهما : علو الإسناد . والثانية : الزيادة في قدر الصحيح ، لما يقع فيها من ألفاظ زائدة وتتمات في بعض الأحاديث ، تثبت صحتها بهذه التخاريج ؛ لأنها واردة بالأسانيد الثابتة في الصحيحين أو أحدهما ، وخارجة من ذلك المخرج الثابت ، والله أعلم .